التحقيق الموعود إلى أين؟!/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن-اسطنبول

ثلاثاء, 2021/03/02 - 18:44

بات التساؤل عن مصير ملف التحقيق البرلماني،الذى أحيل للقضاء،محل إلحاح لدى البعض، و استبعاد لدى بعض المحسوبين على ولد عبد العزيز و نظامه،و بعد تعثر وعد الوزير الأول، محمد ولد بلال،الذى جزم برفع الملف لمستوى الاتهام "الأسبوع المقبل"،و مرت أسابيع فى جو من الغموض و عدم الحسم،دون تطور قضائي فى هذا الشأن،لكن رواج أمر تسليم  مستودعات عزيز، لدى شركات أهل القده للنيابة،و محاكمة ساركوزى و إدانته،هذه المعطيات الجديدة، ربما كشفت زيف تجميد الملف أو تدخل فرنسا لصالح عزيز و لائحة متهميه.و يظل من حق الدولة و الشعب التحقيق مع أي مواطن،و خصوصا إذا كانت المؤشرات تدل على تلاعب واسع، مس المصالح العامة فى العمق،و ترك انطباعا داخليا و خارجيا،باستباحة المال العام،للأسف البالغ.فلزم تحريك المساطر، لإقامة العدل و إنصاف الأمة و رفع سقف سياج مهابة الممتلكات العمومية و الشأن العمومي،و إن كان للأسف البالغ،سوء التسيير عندنا، مرضا مزمنا مؤلما ممزقا مدمرا،يصعب التغلب عليه، إلا عبر تفعيل عدة سبل و طرائق فعالة،بإذن الله.و إن كان أيضا،من الحزم إجراء هذه المحاكمات لفترة "العشرية"،بطريقة بعيدة عن الانتقائية و القبلية و الجهوية،و غيرها من أوجه الاستهداف الضيق،و لا ينبغى أن ننسى، أن المتهم بريئ، حتى تثبت إدانته أو تبرئته،إلا أن المحاسبة و الردع باتت فى غاية الإلحاح،و على وجه عادل مدروس،و يتفادى التصعيد و الاستفزاز.و من الضروري التذكير،أن التعسف فى العقاب قد لا يكون ممكنا أو مجديا،لكن ما حصل من استحواذ البعض على مقدرات ضخمة من المال العمومي،لا يمكن إطلاقا التمادى فى التغاضى عنه.و ليكن فى علم الجميع،أن المسألة أخلاقية قانونية مصلحية،و ليست افتراضا،بهدف الإساءة لزيد أو عمرو،و إنما لأن مصداقية البلاد أصبحت على الصعيدين،الداخلي و الخارجي،على المحك،لأن الشعب و غيره فى الخارج،من الشركاء و المستثمرين و المتابعين،أضحى على قناعة راسخة،بأن الموريتاني،شعبيا و رسميا،لا يتعفف عن سوء التسيير و التلاعب بالأموال و لا يقيم الوزن غالبا للالتزامات المالية.و أما التفكير رسميا،بأن التطبيع مع الكيان الصهيوني،هو الطريق الأقصر و الأكثر فعالية للخلاص النهائي من أزمة الديون المتصاعدة،فأولا لا أظنه ينطلى على النظام القائم،كما أنه، إن حصل،لا قدر الله،فسيكون دافعا و مولدا،للمزيد من  الامتعاض و التبرم الشعبي الواسع،المفضى، لا قدر الله،لضعف النظام،إن لم يكن سقوطه نهائيا،و لا أظن صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى،يقدم على نفق التطبيع المظلم المهلك،مهما تكن مشاكل المديونية و خدع الابتزار الصهيوني،لأن خاطر الشعب الموريتاني المسلم و أولوية القضية الفلسطينية المقدسة عنده،أولى من أوهام الانفراج و خمسة آلاف جرعة من لقاح "كورونا"، بطعم صهيوني ملوث.و كذلك على رجال أعمالنا الالتزام بألفاظهم فى الصفقات و احترام العقود و المواثيق المالية.قال الله تعالى :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ".إن الحضيض الذى وصلت إليه مصداقيتنا فى المجال المالي،تستدعى الاستعجال فى محاسبات العشرية و رموزها، المتهمين بالفساد على نطاق واسع،و إلا فإن الجميع ،داخليا و خارجيا،سيظل يترقب و يتوجس، مما انتشر و أهمل من التلاعب بالمال العام و استغلال الشأن العام.و إذا كان ولد غزوانى بطريقة ذكية، صبر على ولد عبد العزيز،حتى جلس على المقعد من بعده،و تصنع الإعجاب بنهجه،فترة الحملة الرئاسية،ثم فتح المجال للبحث و التمحيص،إلا أن هذا قد لا يكفى، على رأي البعض،فى نفض الغبار عن ملفات فساد العشرية.فموريتانيا زاخرة بالثروات و الفرص الواعدة،لكنها فى تلك "الفترة العزيزية" أنهكت بحق، و نهب و قلة معه الكثير من خيراتها،من برها و بحرها،فأضحت اليابسة ملوثة مشوهة،و البحر الحمد لله فقط على بقاء مياهه،أما ثروته فقد استنزفت مقابل دراهم معدودات،لا تسمن و لا تغنى،بالمقارنة مع الآثار السلبية،حسب دعوى المنتقدين المعترضين،على نهج "الصيد الفوضوي"،إن صحت هذه المعطيات،المروج لها،على نطاق واسع،و التى يود الكثيرون فحصها و تمييز حقها من باطلها،حتى لا يضيع حق، أو يظلم بريئ.و فى هذا الجو تعمق مطلب تحصين المال العام و التحقيق،بشأن ما حصل من فساد متنوع عريض،أيام "العشرية"،المثيرة بحق،للجدل المشروع.و لا داعي لأن يغيب عن أذهاننا،أن السجون عندنا،مليئة بمجرمين و لصوص و متهمين،من فئات ضعيفة غالبا،بينما يستعصىى اتهام "الأكابر" و مساءلتهم قانونيا،فهل فضلنا نهج بنى اسرائيل،حيث كانوا  إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد،و إذا سرق فيهم القوي تجاوزوا عنه.و أجدنى متفائلا جدا،بأن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى و القضاء الموريتاني ماضيان فى المسار التحقيقي و المحاسبي،لكن بحساب و حكمة،بإذن الله.