نص خطاب الرئيس الموريتاني في افتتاح القمة العربية

أربعاء, 2017/03/29 - 17:17

 أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز تمسك الشعب الموريتاتي بدوره في نشر الثقافة العربية الاسلامية وفي تعزيز التواصل بين العرب ومحيطهم الجغرافي خصوصا افريقيا.

واستعرض في كلمة له في افتتح القمة العربية بالأردن الأوضاع العربية والجهود التي بذلتها موريتانيا خلال رئاستها للقمة العربية السابقة.

وجاء في نص كلمته:

"بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم

صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين عاهل المملكة الاردنية الهاشمية

اصحاب الجلالة و الفخامة والسمو

اصحاب المعالي رؤساء الوفود

معالي الامين العام لجامعة الدول العربية

معالي الامين العام لمنظمة الامم المتحدة

معالي الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي

معالي الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي

معالي رئيس لجنة الاتحاد الافريقي

معالي مسؤولة العلاقات الخارجية للاتحاد الاوروبي

ايها المدعوون الكرام ايها السادة والسيدات،

يسعدني ان اتوجه بجزيل الشكر وعظيم الامتنان الى اخي صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الاردنية الهاشمية والى شعب وحكومة الاردن الشقيق على حسن الاستقبال وكرم الضيافة ، كما يطيب لي ان اعبر عن فائق تقديرنا لجلالته على الاهتمام الكبير الذي يوليه لقضايا امتنا العربية، وانا واثق كل الثقة من أن رئاسة الاردن الشقيق لدورة قمتنا ال 28 هذه ستعطي دفعا قويا وحاسما للعمل العربي المشترك الذي تعلق عليه شعوبنا آمالا كثيرة تحقيقا للاهداف التي تاسست الجامعة العربية من اجلها قبل ازيد من سبعين عاما.

كما احيي الجهود الطيبة للدكتور احمد ابو الغيط الامين العام لجامعة الدول العربية ولمسؤولي وطواقم مختلف هيئات الجامعة وسهرهم على متابعة وتنفيذ قرارات وتوصيات قمة نواكشوط وعلى الاعداد الجيد لقمتنا هذه.

اصحاب الجلالة والفخامة والسمو

ايها السادة والسيدات

ياتي لقاؤنا اليوم بعد ان تشرفت موريتانيا بالاضطلاع بواجبها القومي في استضافة اعمال الدورة العادية السابعة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة وقد عملنا بجد واخلاص خلال الرئاسة الموريتانية على تجنيب منطقتنا العربية المزيد من التازيم وعلى تعزيز التفاهم والتعاون والتنسيق بين الاشقاء العرب واسماع صوت امتنا والدفاع عن قضاياها العادلة في المحافل الاقليمية والدولية.

وقد عرفت السنة المنصرمة اجماع المنتظم الدولي على ادانة الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة حين صادق مجلس الامن الدولي على القرار 2334، كما عكست نتائج القمة العربية الافريقية الرابعة المنعقدة في مالابو بغينيا الاستوائية في نوفمبر الماضي، عمق ومتانة العلاقات بين افريقيا والعالم العربي وتمسك اخوتنا الافارقة بمواقفهم المبدئية الثابتة في دعم القضايا العربية العادلة وعلى رأسها القضيةالفلسطينية.

كما اكد مؤتمر باريس حول السلام في الشرق الاوسط الذي التام في شهر يناير الاخير على التمسك بحل الدولتين لتحقيق السلام الدائم في المنطقة، وطالب بعدم اتخاذ اي خطوات احادية الجانب بخصوص القضايا الكبرى العالقة، ورحب بالقرار الاممي الرافض للاستيطان.

ان حل الدولتين الذي تبلور إثر مسار شاق وطويل من المفاوضات بين اطراف النزاع في الشرق الاوسط برعاية ومباركة من المجتمع الدولي يظل الخيار المناسب الوحيد الذي يحقق السلم والامن الدائمين في المنطقة ويضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة بما فيها اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

ايها السادة والسيدات،

تواجه امتنا العربية تحديات كبيرة في مجالات استتباب الامن والسلم وتحقيق التنمية المستدامة وتعرف بعض بلداننا العربية صراعات ونزاعات مسلحة نجم عنها تدمير للبنية التحتية ومواجهة نزوح جماعي واوضاع انسانية بالغة التعقيد وتنامي تيارات الارهاب والتطرف والغلو بتداعياتها الخطيرة على الامن القومي العربي وعلى الاستقرار الاقليمي والدولي فلا تزال الاوضاع في سوريا جد معقدة حيث تنشط الجماعات الارهابية مخلفة الدمار على صعيد واسع من جهة كما ان اطراف الصراع السورية لم تبذل الجهود الضرورية لتثبيت وقف اطلاق النار والانخراط بإرادة قوية في جهود اعادة السلم والامن والوئام في سوريا الشقيقة من جهة اخرى.

وفي هذا الاطار فاني ادعو الاخوة السوريين الى الانهاء الفوري للاقتتال الداخلي وهو ما يتطلب المضي قدما في جهود تثبيت وقف اطلاق النار الذي مهدت له مباحثات استانا والى التوقيع على اتفاق سياسي شامل يحقن دماء الشعب السوري ويحافظ على وحدته ويضمن السيادة الوطنية على كامل اراضيه طبقا للقرارات الاممية ذات الصلة ونتائج مفاوضات جنيف واحد واثنين وثلاثة واربعة.

وفي ليبيا الشقيقة وعلى الرغم من الانتصارات الاخيرة على الارهاب في عدة مناطق لا تزال الاوضاع الامنية تشكل خطرا حقيقيا على السلم والاستقرار في هذا البلد الشقيق وعلى وحدته وتماسكه الاجتماعي كما تهدد الامن والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء وتتسبب في تفاقم ازمة الهجرة غير الشرعية عبر البحر الابيض المتوسط بضحاياها ومآسيها المتكررة.

ويتوجب علينا اليوم دعم الجهود العربية والافريقية والدولية الهادفة الى ايجاد اتفاق شامل يحافظ على وحدة التراب الليبي ويرسي دعائم الاستقرار ويشرك جميع الاطراف الليبية في ادارة الشأن العام ويطلق عملية ارادة الاعمار.

لقد شكلت هذه الاهداف مجتمعة جوهر القرارات الهامة التي اعتمدتها اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الافريقي الخاصة بالأزمة الليبية في اجتماعها الاخير في ابرازافيل بجمهورية الكونغو نهاية شعر يناير المنصرم.

وفي اليمن الشقيق يتواصل للعام الثالث على التوالي النزاع المسلح مهددا السلم والامن الاقليمي ومخلفا الخسائر في الارواح والممتلكات وهو الصراع الذي كاد ان يعصف بكيان الدولة وانسجام المجتمع اليمني لولا الجهود العربية والدولية الكبيرة التي بذلت لمعالجة هذا الصراع.

وفي هذا الصدد يتوجب علينا ان ندعم بقوة المبادرة الخليجية ومبادرة الامم المتحدة من اجل الوصول ال حل تفاوضي يحفظ وحدة اليمن واستقراره في كنف الشرعية الدستورية منوهين باستضافة دولة الكويت الشقيقة ورعاية اخينا سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح لمفاوضات الاطراف اليمنية منذ انطلاقها.

اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

ايها السادة والسيدات،

لقد تمكنت العديد من البلدان العربية من قطع خطوات هامة على طريق استتباب الامن وتحقيق المصالحة الوطنية.

ففي السودان الشقيق يشكل التوقيع على وثيقة الحوار الوطني الشامل بالخرطوم في اكتوبر الماضي، نجاحا كبيرا على طريق المصالحة الوطنية الشاملة والاستقرار السياسي خدمة للمصالح الحيوية للشعب السوداني.

وفي العراق يتواصل تراجع سيطرة الجماعات الارهابية داخل الاراضي العراقية امام الارادة الحازمة للحكومة العراقية في بسط سيادة الدولة على كافة التراب الوطني وتعزيز لحمة الشعب العراقي الشقيق.

اننا نرحب بالانفراج السياسي في لبنان الشقيق الذي مكن من انتخاب رئيس جديد وتعيين حكومة على اسس توافقية لتعود المؤسسات الديموقراطية الى العمل بفعالية وانسجام، خدمة للشعب اللبناني.

واغتنم هذه الفرصة لأتقدم بتهانئي الحارة لدولة الرئيس العماد ميشيل عون رئيس الجمهورية اللبنانية ودولة رئيس الوزراء الشيخ سعد الحريري، متمنيا لهما النجاح في مهامهما النبيلة.

كما نثمن نجاح الانتخابات الرئاسية في جمهورية الصومال الفدرالية الشقيقة ونهنئ بالمناسبة اخانا صاحب الفخامة السيد محمد عبد الله محمد على نيله ثقة ممثلي الشعب الصومالي ونتمنى له النجاح في مهامه السامية.

اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

ايها السادة والسيدات،

يشكل الشباب أكثر من ثلثي مجتمعنا العربي وبتكوينه تكوينا يتلاءم وحاجات الامة وتوجيهه توجيها يصون هويته ويضمن له الانفتاح على الاخر، نكون قد عملنا على ان يلعب دوره الاساسي كاملا في العملية التنموية من جهة وعلى تحصينه ضد كل اشكال الانحراف التي تستهوي بعض الشباب اليوم وتهدد السلم والامن في بلدان عربية من جهة اخرى.

ان ضمان الممارسات المسؤولة والحريات الفردية والجماعية يشكل عامل استقرار اجتماعي وسلم اهلي وهو كفيل بتحفيز الشباب على التعبير عن مؤهلاته وابداعاته اسهاما في تحقيق تنمية مستدامة.

وفي هذا الصدد عملنا في موريتانيا خلال السنوات الاخيرة على ترقية وصون الحريات العامة وترسيخ سنة الحوار والتشاور مع الطيف السياسي والمجتمعي كما عملنا على تمكين الشباب من المشاركة السياسية وتأسيس مجلس اعلى للشباب وانشاء مؤسسات تعنى بدمجه في الحياة النشطة.

ان اي عملية تنموية لا تأخذ في الحسبان مشاركة المرأة لن تحقق اهدافها كاملة وعليه يجدر بنا تشجيع المشاركة الفاعلة للمرأة العربية في النهوض بمجتمعنا على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،

ايها السادة والسيدات

يشهد عالمنا اليوم تحولات عميقة من شأنها تقويض اسس النظام الدولي القائم حيث تمكنت القوى المناهضة للعولمة وتلك الداعية للانغلاق في وجه تلاقي الحضارات من تامين حضور سياسي وشعبي لها في معظم الدول الغربية الشيء الذي بدأ في التأثير الفعلي على السياسات العمومية في هذه البلدان.

ومن بين تلك التحولات ما تشهده بعض البلدان الاسيوية من حضور لافت على الساحة الدولية في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وبروز مؤشرات توحي بان النظام العالمي المقبل سيكون متعدد الاقطاب.

فعلينا كأمة عربية ان نستخلص الدروس من واقعنا وان نعمل اكثر من اي وقت مضى على حماية مصالحنا الحيوية في وجه التحديات التي افرزتها التحولات العالمية الجديدة.

ان تعزيز التضامن العربي يبقى النهج الامثل لرفع تلك التحديات والسبيل الاقوم لتحقيق تطلعات شعوبنا المشروعة في ضمان وتوطيد الامن والاستقرار وتحقيق التنمية والرخاء وهو ما يتطلب المزيد من التنسيق بين بلداننا وتوحيد مواقفنا والتحدث بصوت واحد عن قضايا امتنا والتصدي بحزم لمحاولات التدخل الاجنبي في شؤوننا والالتزام التام بحل الخلافات البينية بالطرق الودية، كما يتوجب علينا وضع آليات جديدة تدفع الى التكامل والاندماج الاقتصاديين واستغلال مصادرنا البشرية المؤهلة ومواردنا الطبيعية المتنوعة عبر توسيع فرص الاستثمار بين دولنا والرفع من مستوى التبادل التجاري واعطاء اولوية للتشغيل داخل الفضاء العربي لليد العاملة العربية.

وفي الختام لا يسعني الا ان اجدد لجمعكم الكريم عبارات التحية والتقدير وأؤكد امامكم تمسك الشعب الموريتاني بدوره التاريخي في نشر قيم الحضارة العربية الاسلامية.

واتمنى لأعمال قمتنا هذه النجاح والتوفيق.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".