
اتهم ولد غزوانى فى خطابه المقتضب أمس بروصو الانترنت فى موريتانيا بالتأثير السلبي على السكينة العامة و بث الشائعات و زعزعة الأمن و تحريض بعض فئات المجتمع، بعضها على بعض،و قال بإيحاز بأن استغلال الانترنت فى موريتانيا سيئا و ليس إيجابيا،و وعد بإقرار ترنسانة قانونية جديدة لمواجهة تهديدات الانترنت،و رغم ذلك وعد بالتمسك بالحريات العامة و الفردية و حرية الصحافة!.و باختصار قد يدعى معارضو الرجل أنه لا يصلح لحكم دولة ديمقراطية حقيقية،و إنما "دولة بوليسية" بواجهة و شعارات ديمقراطية و إعلامية،مهددة فى الصميم،من قبل أعلى سلطة فى البلد،و ضمن خطاب رسمي تم نشره على نطاق واسع!.لاشك أن ثمة استخدامات سلبية للانترنت، فى بعض الأوجه،و على وجه مناف لمصالحنا و قيمنا و مصير محتمعنا و دولتنا، لكن القوانين الموجودة حاليا أكثر من كافية،على رأي البعض.كما أن الحديث بهذا المستوى من التركيز، من قبل الرئيس نفسه،فيه إساءة ربما، لما هو موجود من المكتسبات الفعلية و الدستورية فى هذا الصدد الحساس.لقد تبين فعلا أن الرجل،الذى لم يحتك بالمدنيين كثيرا فى الشأن السياسي، ليس لديه ربما، قناعات عميقة بحرية التعبير و الصحافة و الديمقراطية عموما،و يدفعه نقصه فى هذا المنحى التكويني،كما يدفعه محيطه الضيق من الدولة العميقة، لصدام مباشر مع أنصار الحرية فى موريتانيا و ما أكثرهم،لقد عبر غزوانى عن ما يعانى من عقدة مستحكمة، تجاه الحرية أو الانترنت.لا يقبل أحد أيا كان الاستغلال الفاضح الضار للانترنت،لكن هذه الشحنة الغزوانية ضد الحريات و فى خطاب علني،يوم الاثنين 5/7/2021،بروصو،سيكون لها ما بعدها و سيتحجج بها البعض لمحاولة إرجاع الموريتانيين للوراء فى مجال حرية التعبير و الصحافة،و ربما لن تكون بقية عهدته من أفضل عهود الحرية فى هذا الوطن،للأسف البالغ،على رأي البعض.و يبقى من الحق تذكير ولد غزوانى، أن ردة البعض عن الإسلام، عبر أثير الانترنت و استهداف "علماء البيظان" على وحد وصف أحدهم،يعتبر أخطر وارد فى هذا الاستغلال الكريه، لجو الحرية النسبي،لكن صاحب الفخامة، محمد ولد محمد أحمد ولد الشيخ الغزوانى، لم ينبس ببنت شفة تجاه الردة و المساس العميق بالهوية الإسلامية، من قبل بعض أسمياء بيرام،صاحب غزوانى المثير للجدل،أم أن حرمات الله و حرمات الذين يخشون ربهم من عباده،أقل أهمية عند رئيسنا من مصالح النظام،أم ليسا من لوازم سكينة المجتمع المسلم الموريتاني؟!،أم أنه يتفادى الحديث عن الردة،الحاصلة عمدا، لدى البعض،تفاديا لسخط الغرب و اخطبوطه الحقوقي و الإعلامي،و لعل علمانية موريتانيا باتت شبه متغلبة من خلال دستورها و بعض مواقف حكامها،الذين يغضبون غضبا أسفا شديدا مكفهرا،عند الاقتراب من حوزتهم،و لا يغضبون عند المساس من حرمات الله و رسوله،عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم.و إن الخوف من "الانترنت" لا دواء له،و دليل ربما، على ضعف النظام الموريتاني القائم فى الميدان الإعلامي بالذات.فمن لا يملك سوى التهديدب"اتزراب على الغربان" فى ورطة حقيقية!.و من الحق مواجهة أي جريمة،سواءً عبر الانترنت،و الرئيس محق فى هذا،لكن لزم ترتيب الأولويات،و يلزم القول اختصارا،إن المساس بحرية الموريتانيين و مكاسبهم الدستورية و المعنوية فى هذا الجانب جريمة،لكن أيضا الحرية فى موريتانيا تجاوزت كثيرا من الخطوط الحمراء،و ربما أضحت ظاهرة التدوين الفوضوي فى فيس بوك و الواتساب ممحقة و إضعافا للإعلام المهني و فرصة للتلاعب بالكثير من القيم الخاصة و العامة.و فى اتجاه التعامل مع شطحات مستخدمى النت،نجد أنفسنا أمام عدة خيارات و محاذير،خطورة تجاهل خطاب الكراهية و غيره و انعكاساته السلبية على أرض الواقع،تركيز النظام الحالي على أعداءه فى ساحة الشبكة العنكبوتية المتشعبة بدل التحمل و مواجهة الحجة بالحجة دون التورط فى المزيد من التهويل و التضييق و حشد ترسانة قانونية و سلطوية، قد لا تفلح إلا فى القهر و العودة عمليا لشبح الخوف و عدم الثقة و انتفاء التعايش الإيجابي تدريجيا.و من حق الرئيس و الدولة أن ندعمهم،معشر الصحفيين،فى جهود تمهين الصحافة،إن صدقت،لكن التدوين،إن امتلك جودة المنتج و الجرأة و الإثارة،فقد يكون رافدا و مساعدا فى نجاح و تعزيز مهنتنا و مهمتنا الإعلامية،و ليس العكس.و مهما يكن الأثر السلبي المدعى لحديث غزوانى عن الاستخدامات الضارة للانترنت فى موريتانيا،فإن بعض رواد خطاب الكراهية،قد يجدون أنفسهم محصورين مستهدفين،خصوصا فى الداخل.