الوطن ابتعد قطاره عن سكة الوطنية الحازمة،حيث تحكمه الآن عواطف التصعيد و الاستهداف و الانتقائية، و توقيف و سجن ولد عبد العزيز،ليس سوى جزءً من المشهد المتفجر بامتياز، و مشهد الفشل الذريع لنظام ولد غزوانى و طريقة إدارته للشأن العام.لقد اختار ولد غزوانى طريق و سبيل إشفاء الغليل،و من قال بأن ضباط "ليد الشرقية أو سكانها" هم من يدعو و يحرص على هذا التوجه الصدامي الأحمق، فهو كاذب و مروج للفتنة.ما يجرى بالنسبة لموضوع سجن ولد عبد العزيز،لا يمت لصلة لمنهجية شفافة متوازنة مقنعة بغرض مكافحة الفساد،و إنما خلافات أساسا بين اثنين،غزوانى و عزيز،وظفت باسم محاكمة العشرية،التى لم تحاكم إطلاقا و إنما أغلقت أهم ملفات فسادها، و تم متابعة ولد عبد العزيز لوحده حتى الآن،بغرض عقابه و إبعاده عن المشهد الوطني عموما،و لعل النتيجة المتوقعة إثر هذا التصرف الطائش التصعيدي،ستكون عكسية.فولد عبد العزيز سيتحول سجنه إلى مدار التساؤل الأول،و باستمرار،لدى المواطن العادى،و قد يزيد من رصيده، و يذهب عنه تأثيرات بعض ماضيه السياسي و التسييري،مما قد يجعله خيارا فى نظر البعض،تحت ضغط مقارنة الحاضر الفاشل التصعيدي بالماضى المنصرم، أيام ولد عبد العزيز،بحجة أو بأخرى!.البلد تحت تأثير توتر الحالة المعيشية اليومية لأغلبية مواطنيه مع استمرار التدهور الأمني و مطالبة بعض سكان الشمال الموريتاني بالحكم الذاتي،إثر الاستهداف الممنهج لضباطهم و أطرهم و غبن سكان الشمال الأصليين من ريع خيراتهم المتنوعة الطائلة،كل هذا إلى جانب تهديد المكسب الدستوري الوطني العام،عبر التضييق المتواصل على حرية التعبير عموما و الصحافة خصوصا.إذن موريتانيا،إلى أين؟!.التغيير عن طريق فوضى الشارع لا تصلح لنا إطلاقا و تهديد مصيري لما بقي من وطن اسمه موريتانيا،و الصمت و مباركة الظلم و الفساد و التدهور الأمني و التنازل عن الديمقراطية مستحيل،و الاستقالة و الإقالة بالنسبة للرئيس قد تتطلب وقتا أطول،و لم يبقى إلا خيار انقلاب سلمي توافقي،على مستوى العقداء فما تحت، ليضطر الجنرالات لاحقا للرضوخ، و هو مضر بامتياز بالمكتسبات الدستورية و الديمقراطية و الاقتصادية،مهما كانت مستوياتها الحالية،لكنه -أي هذا الانقلاب الراجح أو المحتمل على الأقل-رغم الرفض الداخلي و الخارجي الحازم لخياره غير المستبعد،يفرض احتماليته بقوة و يطل بشبحه البغيض المقلق حقا، أكثر مما نعيش واقعا مرا مريرا فى اللحظة المتوترة الحالية،التى تؤشر ليس إطلاقا للإصلاح و الفساد،و إنما للتيه بإيجاز!.إنها لحظة تدعو بإلحاح و عمق و ألم لضرورة الحساب بحزم، قبل الضياع النهائي،غير المستبعد،إن لم ننتبه و نتسامح و نتصالح ما أمكن،و بسرعة،قبل فوات الأوان!.و لقد اتضح فعليا و واقعيا،أن ولد غزوانى رائد فتنة و زعيم مافيا ضيقة و حادى ركب أحمق قليل العدد، لحرب أهلية،و ليس واسع الصدر حليما حسن النية،كما روج هو نفسه قبلنا و قبل غيرنا كثير، ممن اغتروا بسيمفونيته الدعائية،الكاذبة بامتياز. و فى ليلة غادرة ،مساء الثلثاء البارحة، تخلص من صديقه نهائيا و ضرب بكل المخارج السلمية عرض الحائط، و توجه وحده، أي غزوانى، نحو الهاوية الفاضحة المدمرة السحيقة،عافاه الله.أما البلد فسيحفظه الله،على يد حكمة سائر مواطنيه و جيشه و أجهزته الأمنية الواعية النبيهة،بإذن الله.