منعطف التصعيد إلى أين؟!/عبد الفتاح ولد اعبيدن

جمعة, 2021/11/12 - 07:25

مما يجمع عليه الكثيرون فى موريتانيا أهمية حرية التعبير،و رغم ذلك قررت حكومة ولد غزوانى طرح مشروع قانون مثير فى هذا الصدد،و عملت على تمريره، كما حصل فعلا.و لم يعد غزوانى على مفترق طرق،فقد اختار،ربما فى تصوره، أن يحمي نفسه و محيطه الضيق و نظامه،على الأقل من ألسنة المدونيين،أو كما فى نظر محللين آخرين،أن يعرج باتجاه طريق التصعيد.فهل سيسلك هذا السبيل دون دفع أثمان باهظة جدا؟!.نظام غزوانى فقد "الكاريزما" الذى ادعاها كثير منا،بأنه مسالم و كيس حكيم، و سيتقدم فى اتجاهات إيجابية مهمة،لكنه اختار مواجهة منتقديه و الزج بهم تارة فى السجن،ثم خطط لتقنين هذا التضييق على معارضيه،عبر هذا القانون المثير للجدل.و مع مرور الوقت ظهر حجم النقص الحاصل فى الخدمات، و توسعت مرة إلى حد لافت، عمليات إجرامية، عمقت ما اصطلح على تسميته، بالتقلت الأمني،و ها هو غزوانى فى سنته الثالثة، يسير فى طريق التصعيد و التضييق،و طبعا لن تفلح الأقلام المساندة فى محاولة تحسين صورته،إعلاميا و سياسيا،بحجة فريدة ان الموريتانيين ربما صبروا كالمعتاد على الجوع و العطش،أما أن يصبروا على الاحتقار،عبر تهديدهم بالسجن و التغريم،بمجرد التعبير عن معاناتهم،فتلك سابقة،سننشاهد معا مدى صعوبة التكيف معها!.هذا التصعيد أول من يحس بأثره السلبي المباشر،هم الأمنيون و المخبرون،فسيباشرون نفسية مواطن حزين مكدر الصفو،غير راض باختصار،كما سيلاحظ إعلاميو القصر ،إن صح الأطلاق،صعوبة بل ربما استحالة الدفاع عن نظام،يضيق على الحريات، فى بلد تمتع نسبيا بها،منذو مطلع التسعينات مع انطلاق مسلسل التعددية!.ستزداد مأساة الذين اختاروا الكرامة،لكنهم سيشعرون بالراحة، لاتضاح الرؤية تجاه هذا النظام المتذبذب،لأنه ظهر على حقيقته الضيقة الأفق،تجاه الرأي الآخر.و مهما تشثبت الموالاة بأهداب السلطة المتغلبة،فستكون فرص المعارضة الراديكالية ،إعلاميا و سياسيا و انتخابيا، أكبر،خصوصا مع منازلات انتخابية مرتقبة فى الأفق.على الصعيد الخارجي ستأتى المؤشرات المتعلقة،بالحريات و الشفافية،فى غير صالح نظام غزوانى،و ربما تكون فى هذا الجانب الخارجي،أظهر خساراته السياسية المدوية!."مراسلون بلا حدود" و مثيلاتها،على هذه الشاكلة،ستبين إحصاءياتها أو تقييماتها السنوية،مدى تخلى هذا النظام، عن بعض مكاسب الحقبة السابقة،مهما كانت مساوءها!.الإعلاميون ضمن شريحة معتبرة منهم،لن يستمر طمعهم فى كعكة نظام ولد غزوانى،و إنما سيتجه أكبر حظهم فى السلامة من سهامه،المعدة لاصطياد المشاغبين،و مع مرور الوقت سيتعزز الطابع البوليسي و الاستبدادي،و سيتأكد أن نظام ولد غزوانى أقل ديمقراطية من سلفه،و بوجه خاص، أقل صبرا على الإعلام المتحرر.و قد تستمر "تآزر"فى توزيع القروض الشعبية على فئات مختارة،خصوصا فى الريف،لتعميق الانطباع الإيجابي للعمل الاجتماعي،لدى النظام الحالي،و مهما تكن جدوائية إسعاف البعض فى نهاية سنة شهباء،إلا أنها طريقة مباشرة بدائية،ستعمق الخمول و الكسل، لدى المستفيدين،و ستتيح للقائمين عليها،فرصة نادرة للاستفادة المباشرة،نظرا للطرق الفوضوية للتوزيع.و ستكون المحصلة، بقاء الحال على حاله،و غياب منجزات ذات بال،مع التضييق على الحريات،و دخول النظام رسميا،فى صراع شبه مباشر مع سدنة الحرية،و قديما قال نابليون،بأنه يفضل الصراع مع أصحاب الثكنات،بدل التنازع مع حملة الأقلام!.