مصافحة الغنوشي لقيادي في «الجبهة الشعبية» تثير جدلا في تونس /حسن سلمان

جمعة, 2016/10/07 - 14:42

تونس – «القدس العربي»: أثارت صورة لرئيس حركة «النهضة» التونسية الشيخ راشد الغنوشي خلال مصافحته للقيادي في «الجبهة الشعبية» محمد جمّور جدلا داخل الأروقة السياسية، حيث لمح البعض إلى احتمال وجود تبدل في موقف «الجبهة» التي ما زالت ترفض التعامل مع حركة «النهضة»، فيما سارع حزب جمور إلى إصدار بيان أشار فيه إلى أن اللقاء «محض صدفة» جمعت بين الرجلين في السفارة الألمانية، ولا يحمل أية دلالة سياسية.ونشرت الصفحة الرسمية للغنوشي على موقع «فيسبوك» صورا للقائه بالسفير الألماني وعدد من الشخصيات السياسية، خلال مشاركته في الاحتفال بالعيد الوطني لألمانيا، وفي إحدى الصور يظهر الغنوشي مصافحا محمد جمور نائب رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين (الوطد) والذي يشكل أحد أبرز مكونات «الجبهة الشعبية» (أكبر تكتل يساري معارض في البلاد).وأثارت الصورة موجة’ من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداولها عشرات النشطاء، وكتب أحد مستخدمي موقع «فيسبوك» ويدعى نبيل كريمي «سبحان مغير الأحوال. ياخي موش هذا محمد جمور متاع حزب شكري بلعيد اللي عيا وهو يعيط (تعب وهو يصرخ) يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح؟ (…) جماعة شكري تاجروا بدمو ماشي في بالهم (اعتقدوا أنهم) باش يزيحوا النهضة، ياخي قعدوا كيف الحمص في قاع الطنجرة والنهضة هربت عليهم».وأضاف المدون ياسين العيّاري «عندي سؤال للأستاذ جمور، الذي كان محامي الليبيين المنتمين للقاعدة في قضية الشهيد العقيد الطاهر العياري (والد ياسين)، لم أرك تتعفف عن مصافحتهما، ولم تكن هناك مشكلة في ذلك رغم ثبوت حملهما للسلاح ودخولهما الحدود التونسية متوجهين لقتال الرفيق الرمز العروبي المقاوم معمر القذافي ضمن مآمرة كونية. فلماذا هذا النفاق؟ أم أن فلوسهم تبيح المصافحة وذنب الغنوشي أنه لم يرشق عليك (النقود)؟».وسارع حزب «الوطد» إلى إصدار بيان أكد فيه أن مصافحة الغنوشي لجمور لاتعدو كونها «محض صدفة أثناء مراسم أحياء العيد الوطني للجمهورية الألمانية، وهو سلوك أملته رفعة أخلاق الرفيق محمد جمور في التعامل مع هكذا وضعيات عفوية»، مؤكدا أن «النشر السريع وغير البريء لهذه الصورة يعكس منهج هذه الحركة (النهضة) القائم على التوظيف الرخيص لمختلف جوانب الحياة الإنسانية في جانبها الاجتماعي و الديني خدمة لإغراض سياسوية ضيقة». وأضاف البيان «إن الهدف منها (الصورة) إيهام الرأي العام الوطني والدولي بمصالحة كاذبة تسعى حركة النهضة إلى الحصول عليها دون المرور بالمحاسبة القانونية والسياسية على ما أرتكبته من جرائم في حق الوطن والشعب (…) هذه الصورة لا تعكس بأي شكل من الأشكال تغير موقف حزبنا في تحميل المسؤولية السياسية والأخلاقية لحركة النهضة في اغتيال الشهيد شكري بلعيد وفي موقفنا من قيادتها لحكومة الترويكا ومن وجودها الحالية في حكومة الإئتلاف».ولم يصدر أي تعليق من قبل حركة «النهضة» حول بيان «الوطد»، وكانت الحركة دعت في مناسبات عدة «الجبهة الشعبية» للجلوس إلى طاولة الحوار بهدف تجاوز الخلافات السابقة، إلا أن «الجبهة» رفضت ذلك.لكن البيان أثار موجة من الانتقادات من قبل عدد من الناشطين، حيث قلل أحد المستخدمين، ويدعى محمد، من أهمية بيان «الوطد» معتبرا أنه «صادر عن مجموعة ما زالت تعيش حقبة الجامعة في الثمانينات، فالشيخ الفاضل تشرف بمصافحته أشخاص من كل بلدان العالم، وليس في حاجة إلى مصافحة جمور أو جمهور مراهقي الشيوعية، والمتأمّل في الصورة يرى جمور سعيدا وفي قمة الفرح بمصافحة الشيخ، ولعله سينشر بيانا رافضا بيان الوطد».وأضاف مستخدم آخر يدعى عمر عبدالقادر «ما لفت انتباهي في البيان أن حزب الوطد أصبح لا يتحدث إلا عن المسؤولية السياسية والأخلاقية فقط لحركة النهضة عن مقتل شكري بلعيد، وتخلّى عن الاتهام الجنائي، بالنسبة للاتهام السياسي حصلت نتائجه الجزئية وهو الخروج من رئاسة الحكومة واستقالتها سابقا، إذن الاتهام السياسي قد ولّى وأصبح من الماضي وهذا البيان يفسر المصافحة».ويبدو أن «الجبهة الشعبية» تصر على منع أي من مكوناتها أو أعضائها من الاتصال بحركة «النهضة» التي ما زالت تتهمها بالتورط في ملف الاغتيالات السياسية، رغم نفي الحركة لهذا الأمر مرارا، حيث قرر مجلس أمناء «الجبهة» (أعلى سلطة فيها) تعليق عضوية حزب «القطب» في وقت سابق إثر لقاء منسقه العام رياض بن فضل بالأمين العام السابق لحركة «النهضة» علي العريض، وهو ما أثار جدلاً كبيراً داخل الجبهة والحياة السياسية في تونس، قبل أن يتم لاحقاً التراجع عن هذا القرار. يُذكر أن بعض المراقبين دعوا مؤخرا «الجبهة الشعبية» إلى الاستفادة من تجربة «النهضة» عبر إعادة قراءة الواقع السياسي في تونس ومحاولة التكيف معه وتقديم أطروحات سياسية جديدة.