من أجل حل الـ"هابا" بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة "الأقصى"

اثنين, 2016/02/22 - 19:23

قبل أشهر أقدمت الـ"هابا" على إصدار بيان، يمنع برنامج "صحراء توك" للزميل الصحفي "زائد" الجريئ الطريف، وبعد فترة وقبل أيام  -ضمن مسار تصعيدي فوضوي قد لا يخدم النظام نفسه فمن باب أولى مهنتنا المقدسة الغالية- أقدمت أيضا الـ"هابا" خماسية الأضلاع أو الأعضاء، على تحريم برنامج "في الصميم" الجريئ الرائع المتميز، لدى الزميلة قناة "المرابطون".

الرئيس حمود ولد امحمد

-صالح ولد دهماش عضو

-براهيم ولد بكار ولد اصنيبه ضابط سابق عضو

- مريم جا عضوة

-أحمدو امبيريك ولد محمد عبد الله عضو

-ماء العينين ولد إمبيريك، صحفي سابق بالتلفزة عضو

هؤلاء هم أصحاب القرار المثير في شأن منع برنامج "زايد"، ومن بعده البرنامج الكبير المتميز "في الصميم" المرابطون".

الرئيس  يأكل ميزانية التسيير إلا ما قل وندر، حيث تزيد رواتب الأعضاء الأربعة على 500 ألف أوقية لكل واحد منهم، بينما يزيد راتب الرئيس على مليون أوقية، ويلتهم بنهم، ما بقي من المبلغ 145 مليون أوقية الذي يمثل بالتحديد الميزانية الكاملة السنوية للهابا.

مع فريق محدود من العمال الرمزيين، وبرواتب عادية.

إذا المحصلة الحراسة الدكتاتورية، على حساب مهنة من لا مهنة له، أو مهنة صاحب الجلالة بسخرية لطيفة ربما، أو مهنة المتاعب وهي التسمية الأدق والأقرب للواقع الإعلامي في كل بلد تقريبا، إلا بعض الدول المحظوظة بالطفرة النفطية أو غيرها من أوجه الإقتصاد الميسور عند الغرب أحيانا.

هؤلاء الخمسة يأكلون ويشربون ويتعالجون ويرتاحون عند أسرهم و"غيرها" على حسابنا، مع تحدينا كل مرة ببيان سخيف معتل الكتابة والمحتوى، لتكون المحصلة "كراب جديد" بإمتياز، تكريسا لمهنة الرئيس المحترم، الرئيس السابق المحظوظ لحملة الرئاسيات2003، أيام "أتشعشيع"، إبان العهد الفوضوي بإمتياز، فترة الفتوة والمروءة والمبالغة في كل شيء، في الخير والشر، نعني طبعا بالرئيس هذا حمود ولد امحمد عافاه الله مما إقترب في حق مهنتنا المهمة المهانة المستضعفة.

قال الله تعال: "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين".

أما الزميل وديعه تعقيبا على المنع المؤقت النهائي ربما، للبرنامج المتميز المثير، فقد أحسن حين قال، بأن العقلية الأحادية النظرة لا يمكن أن تحكم بعدالة على الحرية الإعلامية المتعددة الطيف والرأي والتوجه.

فعلا أبلغت ولخصت مسار الفوضى، الذي يتيه فيه حمود وصحبه، دون إستثناء.

إنهم يتحملون وزر هذا المنع المتكرر البدائي البدوي.

لكن ما الذي ننتظره للضغط من أجل حل الـ"هابا"، لا يعنيكم فسقنا وغينا في نطاق الحرية وردود الفعل غير المحدودة، على الظلم الشنيع المتنوع، في حوزة التسيير الارعن -قديما وحاضرا وربما مستقبلا- للشأن العمومي، الفاسد الغارق في لوثات الإنقلابية والقبلية والمشيخة والإنتهازية بأعلى وأعتى صورها، وفي هذا النطاق، يرد بعضنا بصعوبة بعض  سهام الغدر الواردة باستمرار وتصعيد من القصر الرمادي المغتصب و"أدويرات" التابعة له باختصار، ما بين قصر "الظلم" وبرلمان التمرير والنخاسة والتطبيع مع كل منحى تشريعي، ناقص فاضح أحيانا، مثل فضيحة "م.م.م" قانون مراقبة مجتمع المعلومات، أو على الأصح، كما سميته "متفجرات ممنوعة مطلقا".

هؤلاء وهؤلاء أرهقونا ظلما وغيرهم، من العسكر والمدنيين، من اتباع جوقة الفسق الجماعي العالي العفن، أما يحق لنا أن نقول كلمة، ولو كانت غاضبة أحيانا، خسئتم يا جماعة "الهابا"، أما تستحون.

تأكلون باسم مهنتنا، ومعكم شاهد واحد من الصحافة الرسمية التلفزيون سابقا، وهو شاهد زور بامتياز، لتجمعوا -على ذبحنا- في العلن، دون ستر أو أحياء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فأصنع ما شئت".

أصنعوا ما شئتم، أقترح عليكم إن كانت بكم رجولة حقيقية، أن تجتمعوا لمنع "الأقصى" المسكونة بالإنتقام الرباني وعوامل العقوبة الإلهية العليا.

أقول أقترح عليكم فأنا –وأستغفر الله من أنا- متعب من الكتابة، أن تمنعوها مؤقتا أو مطلقا إن شئتم، لتنفتح الجبهة على مصراعيها، لتحالوا إلى محاكمة الدنيا والآخرة عاجلا لا آجلا بإذن الله.

قال الله تعالى: " أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ "...." لا تخف نجوت من القوم الظالمين "....." لا تخاف دركا ولا تخشى "...." لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى"...." لا تخف إنك أنت الأعلى "...." إلا تنصروه فقد نصره الله"... "وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ "..." نصر من الله وفتح قريب"..." إنا فتحنا لك فتحا مبينا "..." إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ  "...."إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح  ".... "فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ".

توجد "هاكا" بالمغرب، ورغم ذلك لم تفلح في كبح جماح استنزاف المهنة هناك، وهناك أخرى في تونس، وليدة إثر الربيع المتعثر الجريئ، بعد ذهاب بن علي "بن علي هرب".

وفي السينغال تركوا الأمر على مذهب ديمقراطي رفيع بين زملائنا من قطاع الصحافة المكتوبة  والعدالة دون وجود "هابا" إلا رقابة متوازنة  على السمعي البصري وحده والعدالة هي الفيصل عند تجاوز يسير أو كبير لأخلاقيات المهنة ، مهما علت أو نقصت تلك العدالة المفترض اللجوء إليها.

وللتذكير في السينغال التجربة العدلية والإعلامية على السواء، أقرب إلى الجد، من ما هو متاح عند معشر العرب جميعا، فمن باب أولى عندنا، رغم ما هو متاح بصورة ما من الحرية الإعلامية محليا، المحاطة باستمرار بالمخاطر المعنوية والمادية المتنوعة.وفي الغرب، إطلاقا لا توجد "هابا"، وإنما خلوا بين المهنة الإعلامية والقضاء، فمن شاء شكا ومن شاء إستغل بوقار أو غيره حق الرد، ومن شاء لجأ لطريق الغاب، الإغتيال وتصفية الحسابات المتنوعة، بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

وهذا ما نفضل نحن، رغم كل المخاطر، أريحونا من هذا الخماسي الوصي بغير حق، والمهدد بحق لمهنتنا.

أريحونا من هذه الهيئة، الكئيبة، والتي تشرب دمنا بلا مبرر.

مصاصي الدماء أخرجوهم، من عالمنا الصغير، الصغير في نظركم بكل وصف ظالم أو صحيح، سليم معتدل   موضوعي، لا يهمنا أخرجوهم من عالمنا الخاص إلى المجهول إن شئتم،  وبإيجاز وبسرعة وحسم.

صديقي بكار البريئ، الضابط السابق، المقهور المظلوم على رأي، في عهد معاوية إبان المحاولات الإنقلابية التي قادها "فرسان التغيير"، ألا تعلم ودون شك، أن بعض "أصنادره" من إخوتنا الزنوج عهد معاوية، قتلوا لأسباب ما.

هذا قطعا تعلمه علم اليقين، وقوله والبوح به ليس تحديا للمؤسسة العسكرية الوطنية، وإنما هو سرد لبعض تاريخها، المليئ بالعجائب والغرائب، ما بين السمين الوطني الممتاز وإن قل، والهزيل الطافح الأحمر القاني، الانقلابي الصراعي

المرير.

والموضوع عموما مثير للشجون المتنوعة.

وفعلا قتل عرب وغيرهم، موريتانيون من جنسية موريتانية، في دولة مجاورة هي السينغال.

ويقول بعضنا إن بعضا من فئة الزنوج، كان لهم دور تحريضي، في أحداث السينغال في شهر رمضان 1989، ودفع المسفرون الموريتانيون أغلى الأثمان، إبان تلك الأحداث العنصرية الهابطة، كما دفع آخرون محليا الثمن غاليا أيضا، بنفس المستوى أو أقل أو أكثر، في ظل فتنة طامة، كان أولها محاولة إنقلابية عنصرية، حسب الرواية الرسمية، في شهر أكتوبر1987 سبقه ما سبقه من صراع أتني محلي، ذي طابع ثقافي لغوي أحيانا، تصاعد إلى مرحلة الدعوة إلى إقامة دولة الضفة أو ما سموه وقتها: "والو والو"  في بيانات "أفلام"، والقوم سجال في هذا الخلاف إلى اليوم، هذا السجال الطبيعي السحيق بين البشر جميعا تقريبا، إمتحانا من الله بسبب إختلاف ألسنتهم وألوانهم، وما فهمنا أحيانا، أن الأمر مجرد إختبار من الله، وفي هذا نجح بعض قليل، وغرق خلق كثير، دون وجه حكمة، في أتون الكراهية والصراع السيزيفي العقيم.

وفي هذا الحيز من الإختلاف والخلاف "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا "

أقول في هذا الحيز من الإختلاف السلبي أحيانا، ضاعت نفوس كثيرة وحقوق كبيرة متنوعة الطبيعة والماهية، وقد لا  ينتهي الأمر بسهولة وسرعة، إلا حين نستمسك بقوة وقناعة وتعقل وبحكمة، بعروة الإسلام الجامع بحق.

لا نبرئ معاوية ولا نحكم عليه، ولا نبرئ أصحاب الضفة الأخرى ولا نحكم عليهم، فنحن دعاة تقارب ومحبة وتجاوز، --إن أمكن- لكل هذا بإذن الله، وليس حله التحامل على زميلي الغالي العزيز الشهم الجسور أحمدو ولد وديعه، لمجرد أنه إستضاف أو طرح سؤالا، واحدا أو أكثر حسب الإقتضاء، أو أجيب إجابة ملائمة، أو شاذة بقليل أو كثير عن  المسار الأفضل الأجدى.

أقول ليس الحل المنع، وإنما سعة الباع والتسامح والتعايش الراقي مع ما يجري في سياق هذه المهنة الشيقة، التي تؤمن التوازن الهش الحالي، أكثر من غيرها من الجهات، هذه المهنة التي تحل كثيرا من الأزمات أحيانا، بجرة قلم أو شطر كلمة وأحيانا العكس.

وسأقولها دائما وأكررها، ليس الحل المنع الكلي الدائم، أو المؤقت المؤدي المفضي إلى الأول، كما في تجربة برنامج "صحراء توك" بالزميلة صحراء ميديا قبل أشهر، واليوم تمنعون مؤقتا، ربما تمهيدا للمنع الدائم، برنامج "في الصميم" وهو في الصميم فعلا أحببنا أو كرهنا جلا أو كلا.

في الغرب لا هابا عندهم، وفي المشرق العربي لا حرية تقريبا، وفي المغرب العربي يتراوح الأمر بين الحرية والمضايقة والإستهداف، وفي دولة إفريقية رائدة مثل السينغال، في ميدان الحرية لا "هابا" لها أيضا، وفي موريتانيا نقول نعم باختصار لحل "الهابا"، وخلوا بيننا والقضاء "قاضيان في النار وقاض في الجنة".

فمهما كانت عيوب هذا القضاء، فهو أعرف بنا، وأرحم أحيانا، رغم ظلمه السابق لدى بعض عناصره، ممن شوهوا سمعة هذه المهنة القضائية الغالية الحساسة، وفي الوقت الراهن، إقترب هذا القضاء بقصد أو بغير قصد من فهم مقولة نابليون بونا بارت الشهيرة:" أفضل مقارعة الجيوش على مواجهة أصحاب الأقلام".

أما الزميل العربي وحواء وغيرهما من الأطر والزملاء والعمال البسطاء لدى "الهابا"، فنقول لهم ستجدون البديل، بعيدا عن إيذائنا وإيذاء سمعتكم وسمعة أسركم الكريمة، أو إنضموا إلى لائحة البطالة الطويلة الفاشية المنتشرة  في عهد عزيز، فهي ربما هي أشرف لكم هذه  الأيام، في العمل في ظل "العهر الهابوي" الذي يتحامل على الصحفي الضعيف، لصالح النظام المستبد الأحادي، مهما رفع من شعارات كاذبة في العمق، وحين الاختبار، وأولها شعار أو فخ: "حرية الصحافة".

وداعا يا "هابا"  الخراب والإستعداء ضد النظام الحالي والوطن برمته، فقد قتل حمود أو كاد أن يقتل بقلة حذره وبعده عن "الحزم"، هذه المهنة الوطنية المهمة للجميع.

لقد قطع معنويا كلتا يديه،  اليمنى قطعها بمنع برنامج "صحراء توك" للزميل زايد "الزباي"، وهذا ما لم نكن نعرفه عن الزميل زايد وعباد الله "أظباي". واليسرى قطعها بمنعه برناامج "وديعه"، وهذا أيضا ما كنا لا نعرفه من "تزبيتي" الزميل أحمدو، لأنه على الأقل لا يبتسم كثيرا ويفرط في بعض وعوده.

ولم تبقى إلا روح حمود معلقة إلى حين الموعد المكتوب في اللوح المحفوظ، وأخاف أن تزهقها الأقصى.

إحذر أنت وجماعتك مني ومن غيري من الصحافة، فحياضنا محاطة محصنة بإذن الله وسهم الضرر والإقالة والحل ربما سيصلك قبلنا " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ".

ولن أشرح كيف ولماذا أكثر مما سبق، ففيه الكفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فكيف ولماذا ومتى،  بعض أركان الخبر، وقد ياتيك بالأخبار من لم تزود.

شكرا يا عزيز على قرار الحل، فهو أحسن ما أتخذت من قرار إن أقدمت عليه، وذلك منذ يوم الأربعاء الأسود 3 أغسطس 2005 يوم غدرك بولي  نعمتك معاوية، حفظه الله  وحفظ الجميع، وخصوصا الحرية الإعلامية مهما كان واقعها الهش المبتذل، فهو خير من الدكتاتورية الصرفة الصريحة المباشرة، غير المقنعة كما الحال أحيانا، عندنا أو عند غيرنا.

ما من صواب فمن الله، وما من خطإ فمني، وأستغفر الله العظيم..